الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ



بسم الله الرحمن الرحيم

أبدأ بقول لا إله إلا الله و أن محمد ﷺ خاتم المرسلين و أدعو لسائر المسلمين بالخير و الرفاء و صالح الأعمال
 
أما بعد، فموضوعنا عن ما هو المقصود بالقردة والخنازير؟

بالتدبر في كتاب الله القران الكريم نجد أن وردت كلمة قردة مرتان ومرة واحدة معرفه بالألف واللام القردة و وردت كلمة الخنزير 3 مرات معرفة بالألف و اللام و مرة واحدة بصيغة الجمع الخنازير و مرة واحدة اجتمعت الكلمتان معا

في الأيات الأتية، بسم الله الرحمن الرحيم:
1.      وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ [البقرة:65]
2.      قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ [المائدة:60]
3.      فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ** وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ** وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف:166 إلى 168]
4.      يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة:168]
5.      إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة:173]
6.      حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة:3]
7.      قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الأنعام:145]
8.      إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النحل:115]
صدق الله العظيم

القردة حسب ما هو متعارف عليه هم نوع من الحيوانات تعيش على الأشجار وتأكل النباتات والثمار وشبيهة بالإنسان في التشريح، فهل هم من تشير إليهم الأيات أم للكلمة مفهوم أخر؟
الخنازير حسب ما هو متعارف عليه حيوانان تعيش في الغابات وستأنثها الإنسان ورباها على أكل الفضلات و لا تؤكل لما تنقله من أمراض وطفيليات حسب المفهوم السائد وحرَّمها الله حسب ما فهمه العامة و كثير من المتخصصين من نص الأيات الكريمة، فهل هم من تشير إليهم الأيات أم للكلمة مفهوم أخر؟

أولا: كلمة القِرَدَةَ

في الأية (.... الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [البقرة:65]، أكان عقاب الله لأصحاب السبت أن تحولوا من هيئة البشر الإنسان إلى هيئة القرد الحيوان، وإن كان كذلك فالله قادر على كل شيء، فما صار بعد ذلك بأصحاب السبت بعد أن تحولوا إلى قرود؟، ماذا كان رد فعل باقي سكان القرية؟، ألم يشاهدوا هذا التحول والمعجزة؟ أفرت القرود إلى أعالي الأشجار وانتهت القصة؟
دعونا نسترسل ونتدبر أية أخرى (...مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ و .....) [المائدة:60] لفظ جعل تسير تشير أيضا تحول بعضهم من هيئة لأخرى ونعود لطرح الأسالة السابقة مجددا، فما صار بعد ذلك بعد أن تحولوا إلى قرود؟، ماذا كان رد فعل باقي سكان القرية؟، ألم يشاهدوا هذا التحول والمعجزة؟ أفرت القرود وانتهت القصة؟
دعونا نسترسل و نتدبر أية أخرى و نحاول معرفة ماذا حدث لأصحاب السبت (....قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [الأعراف:166] (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأعراف:167] ها هم أصحاب السبت، القصة يكتمل أحداثها، لم يعذبهم الله بعد حادثة القردة و لم يذيد عليهم العذاب و قال سبحانه و ذكّرنا بأنه غفور رحيم، فماذا حدث لهم؟ (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الأعراف: 168] إنهم أحياء إذن وفرَّقَهم الله في أنحاء الأرض وبلاهم الله بالحسنات و بالسيئات فكان منهم الصالحون و الطالحون و صبرا من الله عليهم لعلهم إلى رشدهم يرجعون و بأمر ربهم يلتزمون.
مما سبق من تدبر الأيات واكتمال فهم قصة أصحاب السبت يمكننا القول إنهم لم يتحولوا من هيئة البشر إنسان إلى هيئة القردة حيوانات، و أن ذلك مفهوم مغلوط، فما إذن نوع العذاب ذلك الذى سماه الله سبحانه (.. قِرَدَةً خَاسِئِينَ [البقرة:65]؟
و لكن كما ورد في المعجم نجد أن كلمة قردة لها معاني كثيرة ولكن أيهم المراد؟ دعونا نستعين بمعاني الكلمات من المعجم ونفهم الرسالة من نص الأيات وبالرجوع على معجم المعاني ولسان العرب والوسيط لمعرفة معنى الكلمتان يمكننا استخدام الرابط قرد ونستنتج العذاب الذي وقع على أصحاب السبت الذي يرتبط بسياق القصة فنجد أن القراد و هو نوع من الحشرات المتطفلة انتشر على جلودهم فأصبحوا قردة مما استنفر منهم باقي أهل القرية و طردهم خاسئين بعيدا ذلاً و مهانتاً حتي يتوبوا و يرجعوا إلى الله

ثانيا: كلمة الْخِنْزِيرِ

دعونا نسترسل و نتدبر (...إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ....)[البقرة:173] فمن الأية الكريمة يتضح لنا التحريم من أكل بعض الأشياء كالحيوانات النافقة و الدم و لحم حيوان الخنزير، و دعونا نسأل لماذا خص الله حيوان الخنزير من أن نأكل لحمه؟ ولماذا جمعه الله مع الحيوانات النافقة والدم؟ أيوجد شيء مشترك بينهم؟ مع العلم أن الله أحل لنا كل ما في الأرض( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً .....)[البقرة:168] يبدوا أن الثلاث أشياء اللائي أشار الله لهم بهم أذا للناس و يجب أن يستثنوا من كل ما في الأرض من رزق
كما ورد في المعجم نجد أن كلمة خنزير لها معاني كثيرة ولكن أيهم المراد؟ دعونا نستعين بمعاني الكلمات من المعجم ونفهم الرسالة من نص الأيات وبالرجوع على معجم المعاني ولسان العرب والوسيط لمعرفة معنى الكلمتان يمكننا استخدام الرابط خنزير ونجد إن المقصود بخنزير معاني كثيرة منها كحيوان، الخنزير يعيش على الأرض وفي الماء وفي البحر، فلماذا نحن الأن نختص خنزير الأرض فقط بالتحريم؟ وأيضا المعجم يشير إلى معاني أخرى لكلمة خنزير ولكن منهم أيضا معاني لأشياء بها أذى إذا أكلها الإنسان يعود للفعل خنز و معناه تعفن و أصبح نتن.
دعونا نعيد قراءة الأيات و نتدبرها، (...حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ .... وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ....) [المائدة:3] وسنجد أشياء مترابطة منطقية حرمها الله لكونها ذات أذى وتصيبه بضرر بالغ في حال أكلها الإنسان بدون ذبح، الحيوان الميت لم يذبح، الدم لا يصلح و يفسد و يتجلط فور إسالته، لحم الخنزير أي خنز اللحم وتعفن وفاسد أصبح نتن.

ثالثا: الجمع بين كلمة الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ

في الأية (....وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ ....)[المائدة:60] و كما شرحنا سابقا، تشابه كبير والمعنى المراد أصبح جلى يمكننا أن نعيد فهم الأيات لاستخراج رسالة الله سبحانه. القردة كالإصابة بالقراد مرحلة والخنزير أي خنز اللحم مرحلة أخرى وكلاهما فساد للجلد واللحم وأذى بالغ لمن أصيب بذلك وكأن المصاب بأحدهما أو كلاهما كمن حط عليه عذاب الله.

وخلاصة القول، أن علينا التدبر في أيات الله وإعادة فهمهما وتصحيح المفاهيم
·        الله سبحانه رغم أنه قادر على فعل أي شيء لم يغير هيئة أحد ممن أنزل عليهم العذاب إلى هيئة الحيوان كالقرد أو الخنزير
·        الخنزير كحيوان إن كان يعيش على الأرض أو في الماء أو في البحر لا تحريم في أكل لحمه طالما ذبح على النصب و تم تربيته في بيئة صحية كما فطره الله عليها.

·        تغيير إسم الخنزير و القرد كأسماء حيوانات لأي أسماء أخرى لعدم الإختلاط على الناس بتعبيرات القرأن الكريم.




أرجوا من الله أن أكون قد وفقت في شرح ما يدور في خاطري لعل فيه الخير للناس على وجه الأرض
 
وأتمنى من الله أن تكونوا ممن يقرأ أو يسمع القول فيتبع أحسنه

وأترككم في رعاية الله


إيهاب فهمي
12 إبريل 2017



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشروق و الغروب و تصحيح المواقيت

تقويم التقويم الهجرى

ذِي الْقَرْنَيْنِ ويَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ